برق للتحميل فقط

الخميس، 13 ديسمبر 2012

فسيد الصف الثالث الثانوي ( قيم ومثل مع الشر)

(4) قيم ومثل 
(1) إنَّا إذا الْتـقَت الْمجامِـعُ لم يـَزَلْ  منـَّا لِزَازُ عَظِيـمَةٍ جَشَامُـهَا 
(إنَّ) حرف توكيد ونصب؛ لذا ضرب الخبر طلبي ، أما الغرض من القائه فهو الفخر والتمدح . (المجامع) مجاز مرسل، علاقته المحلية، والمراد هم الناس الذين يجتمعون فيها . (لم يزل) تفيد الاستمرار؛ وهذا يعني أن هذه الصفات الحميدة ليست أمراً طارئاً. (لزاز عظيمة) حذف الموصوف (أمور) بغرض تقوية وصفها بالعظمة، بالاضافة إلى الإيجاز ، وفي عموم البيت كناية عن الزعامة والريادة ؛ إذ التصدي على الدوام لعظائم الأمور عند اجتماع العرب انما هو دليل ذلك .
نثر البيت : متى اجتمعت العرب- في مكان ليتفاخر بعضهم على بعض- نجد على الدوام من يتصدى للأمور العظام وجلائل الأقدار ويتكلفها دائماً واحداً منَّّا وهذا امر ثابت .
(2) ومُقـَسِّمٌ يُعْـطِي العْـشِيْرَةَ حَقَّها  ومُغَـذْمِرٌ لحِقُـوْقِهَا هَضَّامُهَا 
في عجز البيت حذف بغرض الإيجاز،وقد حذف كلمة نفسه التي يهضم حقوقها . والبيت كناية عن الكرم والسيادة،وقد وصل بالكرم مرحلة هضم  حقوق النفس،وهذا المعنى يشبه قوله تعالى:﴿ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوقَ شحَّ نفسه فاولئك هم المفلحون ﴾ . 
فعلى رأي الشاعر أنَّهم من المفلحين؛ لأنهم جُنِّبوا شحَّ الأنفس؛ أي بخلها . 
نثرالبيت : ومنََّّاأيضاً من يتصدى لتقسيم غنائم الحرب على العشائر والأفراد فيظهر عدلاً وإنصافاً وعفة وعلو قدر لدرجة أنه يأخذ من نفسه لغيره .
(3) فضلاً وَذُوْ كَرَم يُعِينُ على النَّدَى     سَمحٌ كَسوْبُ رَغَائبِ غَـنَّّامَُهَا 
(يعين على الندى) زيادة في الوصف بالكرم، فلم يكتفِ به بل أنه يساعد الآخرين على ذلك وهذا يشبه قول الشاعر : 
    يجود علينا الأكرمون بمالهم        ونحن بمال الأكرمين نجود 
(كسوب رغائب غنامها ) باستعمال صيغ المبالغة، وجمع رغائب على صيغة منتهى الجموع، وباضافة كسوب لرغائب ؛ تستدل على امتلاك قومه لعدد كثير من الفضائل، والأعمال الجليلة .
نثر البيت: نفعل ما سبق؛ رغبة في الفضل، بل إنَّ منَّا صاحب الجود ، والذي يكرم الكرماء؛ مساعدة لهم في كرمهم، فهم طيبو الخلق ، سهلو المعاشرة، كثيرو الاكتساب للفضائل ، بالأعمال الجليلة ، التي يُرغْبُ في فعلها؛ بلغوا القمة من الأخلاق .
(4) مِـنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبَاؤُهُمْ   وَلِكُـلِّ قَـوْمٍ سُنَّـةٌ وَإِمَامُـهَـا
(سنت لهم آباؤهم) كناية عن أصالة مجدهم، وقدمه. وذلك يشبه قول سويد: عادة كانت لهم معلومة  من قديم الدهر ليست بالبدع 
وهو يتفق  أيضاً- في الفكرة مع النابغة الجعدي ؛ عندما نصَّ على الجدود في :  بلغنا السمـاء مجدنا وجدودنا      وإنَّا لنرجو فـوق ذلك مظهراً 
فثلاثة الشعراء اتفقوا فى فكرة ربط المجد بالاسلاف ، وبأنَّهُ ليس أمراً طارئاً، ويستغل ذلك في تقوية الفخر.وهي فكرة متداولة بكثرة في الشعر العربي قديمه وحديثه. أمَّاعجز البيت عند لبيد فهو تأكيد على أنَّ المجد نهجنا، وطريقنا،والأئمة هم الأباء. (سنت) حذف المفعول به؛ ( إذ الفعل سنَّ متعدٍ) ، والغرض التركيز على الفعل ويقدر ب(سنةً) .
نثر البيت : ما سبق- من النماذج البشرية المتميزة، والفاضلة، - يعتبر امراً قديماً عندنا؛فإنْ كان لكل قوم نهج، وطريقة، ولكل طريقه قائد؛ فانَّ نهجنا هو المجد،والخلق الرفيع، وقائدنافي ذلك هم آباؤنا الذين خطوا لنا هذا الطريق. 
(5) لا يَطْبَعُـوْنَ وَلا يَبُوْرُ فَعَالُهُـمْ  إِذْ لا يَمِيْلُ مَعَ الْهَوَى أَحْلامُهَا  
البيت يدل على رجاحة العقل، واكتساب الحكمة؛ فعدم فساد الفعال دلالة حكمة، كذلك نقاء العرض ، وقد واصل الشاعر الحديث بضمير الغائب، الذي بدأه في البيت السابق-رغم أنه في أول القصيدة كان يتحدث بلسان المتكلمين - وهذا التفات ؛ يمنع الوقوع في الرتابة. فكرة نقاء العرض- موضعاً للفخر- نجدها عند السموأل: (إذ المرء لم يدنس ...) ورجاحة العقل أيضاً عند السموأل في قوله: ( ولا ينكرون القول حين نقول ) ، وعند كعب:     ( تزن الجبال رزانة أحلامهم )  .
نثر البيت : هؤلاء الرجال الكرام ، الأفاضل ؛ لما يتمتعون به من رجاحة عقلٍ ، وحكمة ، وعدم انجراف مع الغرائز؛ فإنَّ أعراضهم نقية ، لا تتلطخ بالمخزيات ، ولا تفسد أعمالهم . أمَّا أفعالهم ، فهي مرغوب فيها على الدوام . 
(6) فَاقْنَـعْ بِمَا قَسَمَ الْمَلِـيْكُ فَإِنَّمَا   قَـسَمَ الْخَلائِـقَ بَيْنَـنَا عَلامُـهَا 
(اقنع) المخاطب  هنا - هو العدو، وفي الأمر إيحاء بالسخرية، وتعريض به، على ما فيه من تيئس من تَغَيُر الواقع لغير ما هو عليه، فرغم أنَّ الشاعر لم يشر إلى صفات لهذا العدو إلا أنَّ الإحساس بهذا الأمر في غاية الوضوح. في البيت قصر عن طريق إنََّّما، المقصور هو صفة تقسيم الطبائع، والسجايا، مقصورة على موصوف واحد؛ -هو الذي يَعْلَمُ حقيقة مَنْ يستحق الصفة النبيلة- وقد اختارنا نحن (هذا بلسان الشاعر)، وهو قصر يطابق الواقع؛ لذا فهو حقيقي. (المليك) صيغة أُرِيَدَ بها التعظيم . (علامها) اختيار هذه الصفة في البيت يناسب المعنى تماماً-وكأنَّما أراد أنْ يقول: اختيار ان تكون طبائعنا كريمة ليس صدفة،وإنَّما لأننا نستحق ذلك، البيت تظهر فيه نزعة لبيد الدينية بصورة واضحة، البيت يشبه قول سويد [ دون الاشارة الي عدوِ التي يتفوق فيها البيت هنا ]: .
كتـب الرحمن والحمـد لـه   سعـة الأخلاق فـينا والضلـع 
نثر البيت : اكتفِ بالذى قُسِمَ عليك، ولا تطمع في المزيد. فهذا الأمر مختص به مَنْ يعلم حقَّ العلم مَنْ مِنْ البشر يستحق صفات المجد ، والفضل، ومَنْ لايصلح لها؛ فلا تتطلع لما لستَ أهلاً له . 
(7) وَإِذَا الأمَـانَةُ قُسِـمَتْ فِي مَعْشَرٍ      أَوْفَى بِأَوْفَـرِ حَظِّنَا قَـسَّامُـهَا
(قسمت) حذف الفاعل بغرض الايجاز، والعلم به. (أوفى  أوفر) جناس غير تام، قيمته الجمالية بأنَّهُ منح اللفظ جرساً موسيقياً، ولم يأتِ متكلفاً ، وأراد هنا أنْ يَصِفَ قومه بالأمانة .
نثر البيت :  النصيب الأكبر، والأكثر من صفة الأمانة - إنْ قسمت في مَجْمََعٍ من الناس- كان على الدوام نصيبنا هو الأكبر ، والأعظم .
 (8) فَبَنَى لَنَا بَـيْتَاًً رَفِيْعـاًً سَمْكُُـهُ      فَسَمَا إِلَيْـهِ كَهْلُـهَا وَغُلامُـهَا 
(بيتاً رفيعاً سمكه) كناية عن الشرف العظيم ، وفيها تجسيم للشرف الذي جعله بيتاً له سمك ، (كهل  غلام) طباق ايجاب. سمو الصغار ، والكبار للمجد الرفيع ؛ دلالة واضحة على أنَّ الجميع يسعى للرفعة ، ويشبه قول السموأل : 
      ما قلَّ مَنْ كانت بقاياه مثلنا        شباب تسامى للعلا وكهول 
ويشبه الى حد ما قول حسان بن ثابت :
      فلاقيناهم منِّا بجمع كأسد الغاب من مرد وشيب  .                فثلاثة الشعراء أشاروا إلى فكرة ، اتفاق جميع افراد القبيلة صغاراً وكباراً. وإنْ كانت الفكرة - عند حسان - محصورة في لقاء الأعداء فالآخرين في المكانة الرفيعة ( بيتاً  العلا ) ، إلا أن السموأل يتفوق باستعمال الفعل ( تسامى) الذي يُوْحِي بالحركة المستمرة إلى العلا ، كما يستخدم ذلك دليلاً على عدم قلتهم .
نثر البيت : وضعنا الله في تلك المنزلة الرفيعة القدر،والشرف العظيم، وتطلعنا جميعاً إلى ذلك- صغاراً وكباراً- لم يتخلف منَّا أحد .
(9) وَهُمُ السُّعَـاةُ إِذَا الْعَشِيْـرَةُ أُفْظِعَـتْْ    وَهُمُ فَوَارِسُهَا وَهُمْ حُكَّّامُهَا 
(هم) في تكراره للمسند إليه ذكر، يُقوي مدحه لقومه، وتمدحه بكرم  صفاتهم ، وفي اكتفائه بالجمل القصيرة (مبتدأ وخبر) تقوية لما سبق ذكره. (أفظعت) حذف الفاعل بغرض الايجاز ، والتركيز على الفعل ، وفي ذلك إيحاء ببطولتهم ، ومروءتهم ؛ إذْْ أنَّ موقفهم الثابت في النصرة ، لا يتقيد بالفاعل -كائناً مَنْ كان-وقد تناول عنترة هذا الأمر في قوله : (إذا ظُلِمْتُ). كما حذف جواب الشرط للايجاز . وفي ترتيب المسند (سعاة  فوارس  حكام) دلالة على أنْ الرئاسة ؛ ناتجة عن الفروسية؛وأنْ الفروسية ناتجة من السعي ، وبذل الجهد ؛ وبذا تصبح الرئاسة حق ، وجدارة . والغرض من القاء الخبر هو الفخر ، وضربه طلبي .
نثر البيت:متى ما حلَّ بالقوم أمر جلل ، وكارثة عظيمة ، فلا نسأل مَنْ ألحق بنا ذلك ؛ وإنَّما نبادر ونصبح الباذلين الجهد ، بل الكماة المدافعين، والحامين؛وطبيعي أنْ نصبح السادة،والقادة،والرؤساءالمتصدين لهذا البلاء. 
(10) وّهُـمُ رَبِيْـعٌ لِلْمُجَـاوِرِ فِـيْهِمْ      وَالْمُـرْمَلاتِ إِذَا تَـطَاوَلَ عَامُهَا 
(هم) يضاف للذكر السابق. (هم ربيع) تشبيه بليغ (صورة المبتدأ والخبر)، وفي تشبيه قومه بالربيع في بيئة صحراوية،أو شبه صحراوية جمال واضح الدلالة على مدى كرمهم. ( المرملات) في الإشارة إلى النساء كرم زائد ؛ لضعفهنَّ ، ولإمكانية استغلال حاجتهم للطعام ، والقِرَى. (تطاول) أفضل من (طال) ؛ لِمَا في الأولى من إحساس نفسي بالطول؛ ناتج عن شدة المعاناة والترقب للمطر. (عامها) في إضافة العام للضمير- العائد على المرملات- يولد الإحساس بارتباط الجدب بهم . وقد حذف جواب شرط (إذا) للايجاز . وفكرة الكرم في زمان الجدب تناولها كعب- مادحاً- الأنصار في قوله : 
وهـم إذا خـوت النجـوم فإنهم     للطائفـين السائليـن مقـاري 
كما تناولها أيضاً في عجز بيته الذي يقول فيه : 
تـزن الجـبال رزانة أحلامهـم   وأكـفهم خلـف من الأمطـار 
والى حد ما يقترب من قول السموأل : 
وما أخمـدت نار لنا دون طارق    ولا ذمنا في النازلـيـن نـزيل 
فموضوع الأبيات جميعاً هو الكرم، ولكن لبيد يلتقي مع كعب في ربط الكرم بالجفاف ، وانعدام الأمطار(أكفهم خلف) ، (خوت النجوم) كما يلتقي معه في الذكر بالضمير(هم ) ، سوى أنَّ كعباً يجعل العطاء للطائفين والسائلين ، بينما لبيد لجأ للتشبيه ، لجأ كعب للكناية .
نثر البيت : والقوم- لجيرانهم- كما الربيع عطاءً ، يلطفون عليهم شظف العيش،كذلك للنساء الفقيرات اللائي عانين من الجفاف ، وإنعدام المطر؛ حتى أحسسن به طويل الأمد ، لطَّفْنَا عليهنّ حياتهنّ، وأكرمناهنّ ومَنْ يَعُلْنَ.



مع تحياتي : عبدالرازق ادم

هناك تعليق واحد: